قضايا التنفيذ وتحصيل الديون: مكتب محمد بن عفيف للمحاماة / تعتبر مشكلة تحصيل الديون التجارية إحدى العوامل التي تؤدي إلى تعثر التاجر أو المؤسسات التجارية الصغيرة والمتوسطة الحجم، ومما ينتج عنها من أخطار كخطر الإفلاس أو التصفية، ومن العوامل التي تؤدي إلى هذه الأخطار تخلف عملاء التاجر عن الوفاء عند حلول موعد الاستحقاق. بالإضافة إلى حاجة التاجر أو المشاريع الصناعية أو التجارية إلى الاعتمادات المالية الاستمرار مشاريعهم مما يعني انتظار هم في الحصول على حقوقهم إلى حين أجل الاستحقاق، في الوقت الذي يكونون فيه بأمس الحاجة إلى تلك السيولة، مما يؤدي إلى انكماش مشاريعهم التجارية. وتشكل مشكلة مماطلة المدين في سداد ديون دائنيه هاجساً يؤرق الكثير من الأفراد والشركات والمؤسسات على حد سواء، وعلى الرغم من أن هذه المشكلة ليست ظاهرة إلا أنها تحتاج إلى حلول من قبل متخصصين لتحصيل هذه الديون، خاصة أنها تؤدي إلى ضياع حقوق الدائنين ونهب أموالهم. وسنقسم موضوع بحثنا هذا إلى ثلاث مباحث: الأول وهو تحصيل الديون بالطرق والتسويات الودية والصلح بين الطرفين، والثاني هو التحصيل بالطرق القضائية والقانونية والتحكيم، أما الثالث والأخير فسنكتب فيه عن التنفيذ الجبري للسندات التنفيذية مثل: الأوراق التجارية، الأحكام، محاضر الصلح ونحوه. تحتاج عملية تحصيل الديون سواء المستحقة أو المتأخرة أو المعدومة إلى دراية ومعرفة كبيرة بإجراءات ومراحل التفاوض وخبرة جيدة في هذا المجال تجعل القائم بأعمال تحصيل الديون كمكاتب المحاماة التي لديها القدرة على دراسة وضع حالة المدين ووضع خطة إجرائية وجدول زمني يتم من خلاله متابعته بشكل يومي حتى يتم تحصيل الديون المتعثرة بأسرع وقت ممكن، حيث تتعاون مكاتب المحاماة من خلال قسم الخدمات القانونية مع قسم القضايا في بادئ الأمر وذلك في المرحلة الأولية للتعامل مع حالات التعثر عن سداد الديون. ويعد التحصيل بالطرق والتسوية الودية هي المرحلة الرضائية لتحصيل الديون من المدين إذا وضح لنا جلياً بأنه غير قادر على سداد كامل المبالغ المستحقة، فقد يحتاج الأمر إلى تسوية محتملة تفوق مزايا الدفع الفوري (بسعر مخفض). وبالتالي تحتاج إلى مكتب محاماة متخصص من أجل صياغة اتفاق تسوية ودية متبادلة بين الطرفين من أجل ضمان سداد الدين كاملاً أو في شكل أقساط بمدد محددة بين الطرفين ضمن الاتفاق. تعريف التسوية القضائية تتميز التسوية القضائية بمجموعة من الخصائص هي: 1 .التسوية القضائية نظام واقي من الإفلاس. .2 التسوية القضائية التي تتميز بالصفة القضائية. .3 التسوية القضائية نظام جماعي. 4 .التسوية القضائية نظام قضائي يطبق على التاجر حسن النية. الطبيعة القانونية للتسوية القضائية: تعددت آراء الفقهاء في تحديد الطبيعة القانونية للتسوية القضائية فمنهم من يراها التزاماً قانونياً يسري على الدائنين، وهناك من اعتبرها حكم قضائي، ومنهم من يرى بأنها عقد. 1.التسوية القضائية عبارة عن التزام قانوني. يرى جانب من الفقه أن الطبيعة القانونية للتسوية القضائية هي التزام قانوني نظراً أن القوة الملزمة للصلح ناشئة عن التزام قانوني يجسد اجتماع إرادة أغلبية الدائنين وإرادة المدين، إضافة إلى تصديق المحكمة عليه فترتب القوة الملزمة باجتماع هذه العناصر الثلاثة. ولكن عيب على هذا الرأي بأنه قد ترفض المحكمة التصديق على الصلح رغم موافقة الأغلبية ومن جهة أخرى فإنه لم يتبين لنا الجهة المختصة بتطبيق هذا الالتزام القانوني. .2 التسوية القضائية عبارة عن حكم قضائي اعتبر جانب من الفقه أن التسوية القضائية هي حكم قضائي إذ يستمد هويته الإلزامية من حكم المحكمة بالتصديق عليه، كما أنه يفرض على الدائنين المعارضين أو الغائبين كما يفرض على الدائنين الموافقين عليه.ويعيب هذا الرأي أنه لا يمكن للمحكمة أن تصادق على حكم يرفضه جماعة الدائنين أو أن تعدل من الشروط سواء بالزيادة أو بالنقصان أو التغيير من الشروط عند التصديق على الصلح والمحكمة عند تدخلها ما هو إلا تحقق من أن الصلح قد استوفى جميع شروطه واحترامه للنصوص القانونية شكلاً ومضموناً وسلامة المصلحة العامة بالإضافة إلى أنه يؤخذ على هذا الرأي أيضا أنه لم يراعي أن الصلح مبني على اتفاق بين المفلس والدائنين، يجوز إلغاؤه لعدم تنفيذ شروط. وعليه إذا اعتبر ذو طابع 4 قضائي لما كان بالإمكان إلغاؤه. 3.التسوية القضائية عبارة عن عقد يرى جانب من الفقه أن الصلح عقد يبرم بين المفلس وجماعة الدائنين المتمتعة بالشخصية المعنوية ويقترن بتصديق المحكمة لحماية الدائنين المعارضين أو الغائبين. بالتالي يعتبر الصلح مرتكزا في تكوينه على عنصرين، إحداهما عقدي يقوم على الاتفاق بين المفلس وجماعة الدائنين بأغلبيتها، والآخر قضائي يقوم في تصديق المحكمة على هذا العقد. شروط التسوية القضائية يشترط في التسوية القضائية شروطاً موضوعية وأخرى شكلية وسنستعرض سريعاً لهذه الشروط 1.الشروط الموضوعية للتسوية القضائية أ: صفة التاجر لكي تنعقد التسوية القضائية لابد أن يكون المدين تاجرا، فالتسوية القضائية نظام يطبق أصلا على التجار، أفراد أو شركات غير أنه يمكن أن يطبق على غير التجار فيطبق على الشخص المعنوي الخاضع للقانون الخاص. وفي هذا الصدد نميز بين الشخص الطبيعي والمعنوي. ب: سن نية التاجر وسوء حظه قد يتوقف التاجر عن دفع ديونه التجارية نتيجة اضطراب اعماله التجارية لأسباب خارجة عن إرادته، فيصبح مهددا بالإفلاس وما يترتب عليه من نتائج تناله في ماله وفي شخصه لذا مهد له المشرع الطريق لتفادي اشهار افلاسه والاستمرار في تجارته عن طرق صلح الواقي من الافلاس، متى كان حسن النية لايزال يتمتع بثقة الأوساط التجارية، لأن الصلح الواقي ميزة ينبغي ألا تمنع إلا للتاجر الصادق الأمين. ج: التوقف عن الدفع حيث يلعب دوراً هاماً في إجراءات التسوية القضائية، لهذا فالتوقف عن الدفع يقوم على شرطين. هما: الشرط الأول يتعلق بحالة الشخص، أما الشرط الثاني يتعلق بالوضعية المالية للشركة. 2.الشروط الشكلية لتسوية القضائية. وهي الإجراءات التي تتبع عند طلب الصلح الواقي من الإفلاس، وهذه الإجراءات تتم تحت اشراف السلطة القضائية، وتتم هذه الإجراءات على مرحلتين، تبدأ الأولى بتقديم طلب التسوية القضائية وتنتهي بصدور الأمر بافتتاح الإجراءات، وتبدأ الثانية من صدور هذا الأمر وتنتهي بتصديق المحكمة على الصلح. وقد راعى المشرع في هذه الإجراءات السرعة والتبسيط والاقتصاد في النفقات مع توفير الضمانات اللازمة لحماية حقوق الدائنين والمدين معاً.