يعرف الغبن في الفقه الإسلامي بأنه: «زيادة في الثمن المعتاد بالنسبة للمشتري ونقص عنه بالنسبة للبائع»، وهذا يعني أن الغبن هو الخداع في المبايعة. والغبن نوعان غبن فاحش وغبن يسير، فاليسير لا يترتب عليه شيء وما صح من غبن هو فيما يتغابن الناس فيه عادة. وأما الغبن الفاحش فإنه حرام شرعاً لما فيه من تغرير وخداع للمشتري لقوله صلى الله عليه وسلم: "من غشنا فليس منا". وقال ابن عابدين في حاشيته (5/ 143): " (قوله: هو ما لا يدخل تحت تقويم المقومين) وقد حدد بعض الفقهاء مقدار الغبن الفاحش بالثلث، وقدره آخرون بالسدس، وحدده البعض الآخر بالعشر، والراجح والمستقر عليه أن يترك ذلك للعرف ولتقدير أهل الخبرة والمتخصصين في تقدير الثمن الفعلي للسلعة في السوق. والغبن الفاحش نوعان: 1- الغبن الفاحش المتولد عن الخداع: اتفق الفقهاء على حرمة وكراهة الغبن الفاحش للمسترسل الجاهل بالقيمة من بائع ومشترٍ، لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ 2- الغبن الفاحش المتولد عن العلم والرضا: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن أثمان السلع في الرخص والغلاء وارتفاع الأسعار وانخفاضها جائز التغابن في ذلك كله إذا كان كل واحد من المتبايعين مالكًا لأمره، وكان ذلك عن تراضٍ منهما، وإذا علم بقدر الغبن وطابت به نفسه، فهو بر به معامله بطيب نفسه؛ فهو مأجور؛ لأنه فعل خيرًا، وأحسن إلى إنسان، وترك له مالاً، أو أعطاه مالاً، وليس التبذير والسرفُ وإضاعة المال وأكله بالباطل إلا ما حرَّمه الله عز وجل، وأما التجارة عن تراضٍ فما حرمها الله تعالى قط، بل أباحها، وإنما يجوز من التطوع بالزيادة بالشراء ما أبقى غنى؛ لأنه معروف من البيع، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل معروف صدقة" آثار الغبن المحرَّم: قال ابن قدامة رحمه الله: " الثالث: المسترسل: إذا غُبِن غبنا يخرج عن العادة، فله الخيار بين الفسخ والإمضاء. وبهذا قال مالك...والمسترسل هو الجاهل بقيمة السلعة، ولا يحسن المبايعة شروط يجب توافرها في دعوى الغبن الفاحش: الشرط الأول: عدم العلم بالقيمة الحقيقية للمبيع (الاسترسال – عدم وجود خيرة في أمور البيع والشراء) المستند: ما جاء في كشاف القناع (7/432) " وأما من له خبرة بسعر المبيع، ويدخل على بصيرة بالغبن، ومن غبن لاستعجاله في البيع، ولو توقف فيه ولم يستعجل لم يغبن، فلا خيار لهما لعدم التغرير". ما جاء في المغني (3/497) "فأما العالم بذلك، والذي لو توقف لعرف، إذا استعجل في الحال، فغبن: فلا خيار لهما". قال في الشرح الكبير (4/79) "فأما غير المسترسل فإنه دخل على بصيرة بالغبن فهو كالعالم بالعين، وكذا لو استعجل فجهل ما لو تثبت لعلمه لم يكن له خيار لأنه أنبنى على تفريطه وتقصيره". الشرط الثاني: الفورية (إقامة الدعوى في وقت قريب بعد البيع وبعد العلم) المستند: ما جاء في كشاف القناع (7/437) "وهو أي خيار الغبن كخيار العيب في الفورية وعدمها". الشرط الثالث: عدم صدور ما يدل على رضا البائع (طول المدة أو التصرف في المبيع). كتب / فريق محاميك .