لديك رسالة جديده

مجلس العدالة

الرئيسية / مجلس العدالة
20 2022 April
641
جائحة فيروس كورونا من الظروف الطارئة إذا لم يمكن تنفيذ الالتزام أو العقد إلا بخسارة غير معتادة.

خالد العرفج / عليا العيسي أعلنت منظمة الصحة العالمية في 11 مارس 2020م أن فيروس كورونا (كوفيد-19) يعتبر جائحة ("الجائحة"). وقد اتخذت المملكة العربية السعودية والعديد من الدول الأخرى حول العالم سلسلة من الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار الوباء. ومنذ ذلك الحين، تأثرت العديد من العقود التي يحكمها النظام السعودي بالجائحة والتدابير الحكومية ذات الصلة بها. تخضع العقود في المملكة العربية السعودية لمبادئ الشريعة الإسلامية. وبموجب هذه المبادئ، فإنه يجب على أطراف العقد الالتزام بشروطهم التعاقدية ما لم يتم إعفاء هذه الشروط لسبب مشروع بموجب الشريعة الإسلامية أو إذا تبين أن هذه الشروط تتعارض مع مبادئ الشريعة والسياسة العامة أو الأنظمة التي تم سَنُّها. ولتوضيح المبادئ القضائية ذات الصلة والتي سيتم تطبيقها على العقود المتأثرة بالجائحة، أصدرت الهيئة العامة للمحكمة العليا السعودية ("المحكمة") قرارها رقم (45/م) بتاريخ 08/05/1442هـ الموافق (23/12/2020م) والذي نص على أن جائحة فيروس كورونا تُعد: - من فئة الظروف الطارئة إذا لم يمكن تنفيذ الالتزامات أو العقود إلا بخسارة غير معتادة. - ومن فئة القوة القاهرة إذا أصبح تنفيذ الالتزامات أو العقود مستحيلًا. شروط التطبيق: وقد حددت المحكمة العليا الشروط التالية لتطبيق ما ورد في القرار على العقود المتأثرة بالجائحة أن يكون العقد أو الالتزام مبرما قبل بدء الاجراءات الاحترازية للجائحة ويستمر تنفيذه بعد وقوعها. - أن يكون أثر الجائحة مباشرا على العقد ولا يمكن تلافيه .- أن يستقل أثر الجائحة الواقع على العقد دون مشاركة سبب آخر.- - ألاّ يكون المتضرر بسبب الجائحة قد تنازل عن حقه أو اصطلح بشأنه. ألا تكون آثار الجائحة وضررها معالجًا بنظام خاص أو بقرار من الجهة المختصة. - كما نصت المحكمة العليا على أنه ينبغي أن تكون نسبة أثر الجائحة على العقد جسيمة وغير معتادة. وأن يُراعى عند تقدير الأثر نشاط العقد وزمنه، وألا يتجاوز تقدير الضرر المدة التي ظهر فيها أثر الجائحة على العقد. وأن يكون تقديره من خبير أو أكثر. تعديل الالتزامات التعاقدية: ونص القرار على أنه للمحاكم – بناء على طلب مدعي الضرر وبعد الموازنة بين الطرفين والنظر في الظروف المحيطة – تعديل الالتزامات التعاقدية التي طرأت عليها الجائحة وذلك على النحو التالي: -عقود أجرة العقار والمنقول: أ. في حال تعذر الانتفاع بالعين المؤجرة كليًا أو جزئيًا بسبب الجائحة، فتنقص المحكمة من الأجرة بقدر ما نقص من المنفعة المقصودة المعتادة. ب - لا يثبت للمؤجر حق فسخ العقد إذا كان تأخر المستأجر عن دفع أجرة الفترة التي تعذر الانتفاع فيها كلياً أو جزئيًا بسبب الجائحة. -عقود المقاولات والتوريد: أ/ في حال ارتفاع قيمة المواد أو أجور الأيدي العاملة أو التشغيل ونحوها بسبب الجائحة، فتزيد المحكمة قيمة العقد للملتزم (المقاول أو المورد) زيادة إلى حد الارتفاع المعتاد المعقول، وللملتزم له (المالك أو العميل) حق طلب فسخ العقد عند زيادة الالتزام عليه. ب/ في حال كان ارتفاع سعر المواد بسبب الجائحة ارتفاعًا مؤقتًا يوشك أن يزول؛ فتوقف المحكمة تنفيذ الالتزام مدة مؤقتة. جـ/ في حال قلة السلع من السوق بسبب الجائحة، فتنقص المحكمة الكمية بالقدر الذي تراه كافيًا لرفع الضرر غير المعتاد عن الملتزم. د/ في حال انعدام المواد من السوق بسبب الجائحة مؤقتًا؛ فتوقف المحكمة الالتزام مدة مؤقتة إذا لم يتضرر الملتزم له تضررا جسيما بهذا الوقف، فإن تضرر فله طلب الفسخ. هـ/ وأما إذا كان انعدام المواد من السوق بسبب الجائحة مطلقًا؛ وأدى ذلك الى استحالة تنفيذ الالتزامات العقدية أو بعضها؛ فللمحكمة – بناء على طلب أحد المتعاقدين – فسخ ما استحال تنفيذه منها. و/ في حال تعذر تنفيذ الالتزام بأداء العمل محل عقد المقاولة في الوقت المحدد بسبب الجائحة، فللمحكمة إيقاف تنفيذ الالتزام مدة مؤقتة. فإن تضرر الملتزم له تضررًا جسيمًا بهذا الوقف فله طلب الفسخ. قيود النظر في دعاوى العقود المتأثرة بالجائحة: ونصت المحكمة على أنه ينبغي على المحكمة الناظرة في دعاوى العقود المتأثرة بالجائحة التقيد بما يلي: - عدم تطبيق بنود الشروط الجزائية أو الغرامات أو سحب المشروع الواردة في العقد إذا كانت الجائحة هي سبب تأخير تنفيذ الالتزام. - الغاء أثر أي شرط تضمنه العقد يعفي أحد أطراف العقد من المسؤولية عند حدوث ظرف طارئ أو قوة قاهرة. - يكون عبء إثبات تسبب الجائحة في أي إخلال بأي التزام على الطرف الذي أخل بالالتزام. خاتمة: من الواضح أن قرار المحكمة سيكون له أثر كبير على دعاوى العقود المتأثرة بالجائحة. ويجب أن يدرك أطراف العقود المتأثرة بالجائحة أنه من الممكن أن يتم تعديل شروط عقودهم بموجب هذا القرار. ويجب عليهم بناء على ذلك النظر بعناية في مدى تأثير هذا القرار على حقوقهم والتزاماتهم المتعلقة بهذه العقود والتخطيط لاتخاذ الإجراءات المناسبة.